الأربعاء، أكتوبر 17، 2007

مراكز التقنيات التربوية ودورها في العملية التعليمية

المقدمة:تعتبر مراكز التقنيات التربوية نقلة نوعية في مجال تصميم وتنفيذ الوسيلة التعليمية والبعد عن التقليدية في التعليم، حيث تعنى بدمج التقنية بالتعليم والاستفادة من الإمكانيات التقنية الحديثة التي تتطور خلال فترات متسارعة لا يمكن الإحاطة بها في جميع مجالاتها، وتسخيرها في مجال التربية والتعليم، فكان لزاماً تسخيرها وتحويلها لتسهيل وتوصيل المعلومة للمتعلم وتبادل هذه المعلومة مع الجميع وفق رؤية تربوية علمية يمكن تطويرها من خلال النقد البناء للوصول للمستوى المأمول.وتعاني مراكز التقنيات التربوية في الآونة الأخيرة من محاولات متعددة للتقليل من دورها وتهميش مهامها لذا كانت المعلوماتية مع موعد مع بعض العاملين في الميدان لاستيضاح دور هذه المراكز وأهميتها في العملية التعليمية فكان هذا التحقيق.ويسرنا أن نتناول جوانب هذه القضية مع عدد من الأساتذة المتخصصين في هذا المجال، وهم: الأستاذ فايز بن إبراهيم العضاض مدير إدارة مراكز التقنيات التربوية، والأستاذ فهد العيسى مدير مركز التقنيات التربوية بالرياض، والأستاذ عبدالرزاق بن عبدالله البابطين مدير مركز التقنيات التربوية بالمنطقة الشرقية، والأستاذ محمد بن خلف العنزي مدير مركز التقنيات التربوية تبوك.ولكي نبدأ في نقاش هذه القضية لا بد لنا أن نتعرّف أولاً على الدور الذي تلعبه التقنية بشكل عام في التعليم، فيلخص الأستاذ عبدالرزاق البابطين ذلك بعدة نقاط من أهمها: - تحويل المعلومات المجردة في المقررات الدراسية إلى خبرات محسوسة للطالب.- توفير الجهد والوقت في أداء المعلم.- إعطاء الـمتعلم الأهمية القصوى، أي أن الـمتعلم له الأولوية على جميع المكونات الأخرى التي تبنى عليها قرارات عملية تصميم التقنية بما في ذلك محتوى المادة الدراسية ذاته.- تدعم فرصة الحصول على تعليم يتميز بالفعالية والكفاءة وقبول المتعلم.- تدعم تطوير نظم بديلة للتعليم.- تيسر الانسجام بين الأهداف وأنشطة التعليم والتقويم.- تيسر عملية نشر الابتكارات التعليمية وتبنيها.- ترشيد تمويل التعليم على المدى الطويل.ومن جانبه يرى الأستاذ فهد العيسى أن التقنية الحديثة ساهمت مساهمة فعالة في عملية التعليم و التعلم حيث كان لها الدور الكبير في تعدد و تنوع أساليب التدريس و ساهمت في جعل المتعلم محور العملية التربوية و وفرت له المواقف التعليمية التي تسمح له ببناء معارفه و تنمية مهاراته و قدراته و تفكيره و تشكيل اتجاهاته من خلال تفاعله مع مصادر المعلومات المختلفة التي تتيحها المدرسة و تقوم الغالبية العظمى من مراكز مصادر التعلم في مدارسنا بهذا الدور حيث يقوم المعلم بدور الموجه لطلابه.وحتى نحدد دور مراكز التقنيات التربوية التي هي صلب حوارنا هذا في دعم العملية التعليمية، يقول الأستاذ فايز العضاض في هذا الصدد :لا شك أن لمراكز التقنيات التربوية دور هام في دعم العملية التعليمية وذلك من خلال تحسين عمليتي التعليم والتعلم، والوصول ببيئة التعلم إلى المستوى المطلوب من العرض المميز والجاذب للطلبة من خلال توفيرها للعديد من الأوعية والمصادر والوسائل التعليمية التربوية.وفي نفس السياق يتفق الأستاذ محمد العنزي مع الرأي السابق تماماً، ويرى أنه بدون استخدام التقنية التربوية تبقى حجرات الدراسة "الفصول" بدون تغير وتبقى أساليب التعلم والتعليم هي نفسها قبل مائة عام. وبمقارنة حجرة الدراسة بغرفة الطبيب أو غرف العمليات في البنوك نجد أن التعليم لم يتأثر بالتقنية بعد.ونعرج بعد ذلك إلى أسباب إنشاء مراكز التقنيات التربوية، والتي حددها الأستاذ البابطين بما يلي:أولاً:- تطور مجال تقنية التعليم تطوراً كبيراً في ضوء التحولات الفاصلة في النظريات التربوية والثورة الواسعة في تقنيات الاتصال والمعلومات، وتطبيقاتها التربوية.ثانياً:- حاجة المعلمين إلى استخدام الوسائل التعليمية والتي يـمكن تعريفها بأنـها " كل ما يساعد المعلم على انتقال المعرفة والمعلومات والمهارات والخبرات إلى الطالب ". ومن جانبه يرى الأستاذ العيسى أن إنشاء هذه المراكز جاء لتقويم واقع تقنية التعليم، وتحليل مشكلاته، واقتراح الحلول المناسبة له وتنفيذها، وتطوير أساليب توظيف التقنية الحديثة، وتوفير متطلباتها من التجهيزات التقنية والمواد التعليمية، وتقوم بدورها بالتنسيق والتعاون مع الإدارات والأقسام ذات العلاقة.ويطلعنا الأستاذ العضاض على الأهداف المرجو تحقيقها من إنشاء مراكز التقنيات التربوية قائلاً:هناك أهداف عديدة لإنشاء مراكز التقنيات التربوية ومنها:- تطوير تقنية التعليم وتبني مستجداتها في المدارس.- رفع كفايات المعلمين والمشرفين التربويين في مجال تقنية التعليم.- إرساء البنية التحتية لتقنية التعليم في المدارس.- تزويد المدارس بما يلزم من الوسائل والمواد التعليمية.- إجراء عمليات الصيانة اللازمة للأجهزة والآلات التعليمية.- ضبط مستوى فاعلية تقنية التعليم في المدارس، ووضع البرامج التي تسهم في المحافظة على مستوى مرتفع من الفاعلية.ويواصل البابطين حديثه معدداً مهام مراكز التقنيات التربوية الرئيسية، وقد حددها بما يلي:-1- تحليل المشكلات التي تواجه تقنية التعليم في المدارس، وتحديد الحاجات.2- وضع البرامج والخطط التي تلبي الحاجات وتساعد في حل مشكلات تقنية التعليم، وتنفيذها.3- تصميم المواد والوسائل التعليمية وإنتاجها، ومتابعة عمليات استخدامها والاستفادة منها.4- سد الاحتياج، وإنتاج الوسائل والمواد التعليمية التي تلبي حاجة المدارس، ويستعان في ذلك بما يردد من الإشراف التربوي.5- الإسهام في وضع البرامج التدريبية التي من شأنها رفع الكفايات العملية والعلمية للمشرفين التربويين والمعلمين واختصاصيي تقنيات التعليم ( محضري المختبرات، أمناء مصادر التعلم،...) في مجال تقنية التعليم.6- إرساء البنى التحتية لتقنية التعليم، وتقنية المعلومات وبرامج دمج التقنية في التعليم.7- المحافظة على جاهزية البنية التحتية لتقنية التعليم من خلال عمليات الصيانة المستمرة.8- ضبط جودة المواد التعليمية التي يتم الإعداد لتوفيرها في المدارس.فيما ذكر الأستاذ العضاض أن المركز لا بد وأن يتكوَن من عدة أقسام وهي كالأتي:- قسم الدعم الفني.- قسم تصميم التدريس (تخطيط البرامج-تصميم المواد التعليمية-المتابعة والتقويم-التدريب التقني)- قسم إنتاج الوسائط التعليمية(الأستوديو التعليمي-الأقراص المدمجة-ورش الإنتاج)- قسم تقنية المعلومات والاتصال (مشرفو التعلم الإلكتروني-مشرفو مصادر التعلم –مشرفو المختبرات).ويرى الأستاذ العنزي أنه لا بد من الاستفادة من النظريات التربوية في هذا المجال، ففي تعريف سيلز وريتشي عام 1994 م ذكر ان هناك خمس مجالات للتقنية التعليمية وهي: التصميم، الإنتاج، الاستخدام، التقويم، والإدارة. وبناءً عليه ترتبط مهام العاملين في التقنية فهناك : المصمم، وفني الإنتاج، والمشرف التربوي " الذي يقوم حاليا بأكثر المهام "، مدير المركز، وفني الصيانة ... الخ.وفي إجابة لتساؤل حول تقييم المرحلة الماضية لمراكز التقنيات التربوية، يرى الأستاذ العضاض أنه وبالرغم من النقص الواضح بالكوادر الفنية والإدارية والإشرافية إلا أن الأخوة مدراء المراكز وبحماسة شديدة استطاعوا وبدعم ومساندة من الإدارة العامة للتقنيات التربوية بالوزارة ومن مدراء التعليم ومساعديهم جزاهم الله خيراً من توفير المكان المناسب لهذه المركز ومن ثم تجهيزها وتفعيل العمل بها وإنتاج الوسائل التربوية بمختلف صورها في ضوء ما توفر لهم من إمكانات مادية وبشرية ونحن على يقين –بإذن الله – من تطور وتحسن المراكز مستقبلاً إلى ما نصبو إليه حال توفر الطاقات البشرية المؤهلة.ومن ناحيته يرى الأستاذ العيسى أن مراكز التقنيات التربوية قطعت شوطاً كبيراً في الفترة الماضية بالرغم من وجود بعض المعوقات والتي من أهمها: نقص الكوادر البشرية المتخصصة، فعلى مستوى تجهيز المدارس قام مركز التقنيات التربوية بتحديد احتياج المدارس من الأدوات والمواد والأجهزة التعليمية وقام بوضع المواصفات اللازمة لها، ومن ثم تحديد الأولويات في تأمينها عن طريق إدارة المشتريات ثم وضع خطط الصرف للمدارس وفق الاحتياج، كما تم تجهيز عدد كبير من المدارس بتجهيزات مكنتها من تطبيق أكثر من نموذج للتعليم الإلكتروني، وقام مشرفو المراكز على اختلاف تخصصاتهم بمتابعة توظيف هذه التجهيزات وتدريب المشرفين والمعلمين ومحضري المختبرات وأمناء مراكز مصادر التعلم عليها بالإضافة إلى محضري المختبرات وأمناء مراكز مصادر التعلم، كما أن مركز التقنيات التربوية أنتج العديد من المواد التعليمية المختلفة.وعند سؤالنا عن المشاكل والصعوبات التي تواجه المراكز رفض الأستاذ العضاض الحديث عن ذلك مبيناً أنه لن يكون الحديث المفضل لمن يريد أن يعمل ويطور، وطالما أن هناك قادة على رأس هذا الهرم التربوي حريصون على تذليل كل ما يعتري العملية التربوية من عقبات.وأضاف العضاض قائلاً: إن الإدارة العامة للتقنيات التربوية والمعلوماتية لا تنسى أبداً الدعوة الكريمة من معالي الدكتور عبدالله بن صالح العبيد وزير التربية والتعليم للقاء بمديري ومديرات مراكز التقنيات التربوية والاستماع لهم ولتطلعاتهم وتوجيه معاليه بتشكيل لجنة برئاسة سعادة وكيل الوزارة للتطوير التربوي الدكتور محمد بن سعد العصيمي، ومديري ومديرات المراكز لصياغة ما تم التوصل له في هذا اللقاء من توصيات واقتراحات من أجل تطوير وتحسين العمل بهذه المراكز.فيما لخًص الأستاذ البابطين من جهته هذه المعوقات بعدة نقاط اتفق بقية الزملاء معها وهي:- عدم توفر الكادر البشري المتخصص.- عدم تقبل بعض المعلمين لتطبيقات التعليم الإلكتروني.- قلة البرامج التدريبية المخصصة لتأهيل المعلمين لاستخدام التقنيات التربوية.- محدودية الميزانيات المعتمدة للإنتاج والتصميم.- المركزية في تنفيذ المشاريع ومحدودية الصلاحيات لمديري المراكز.ويعقَب الأستاذ العنزي بقوله إلى أن عدم السعي إلى دمج التقنية في التعليم على مستوى الإدارة التعليمية والمدارس من أكبر المشاكل التي تواجه المراكز.ويرى الأستاذ العيسى إلى أنه بوسع الوزارة التغلب على بعض هذه الصعوبات بسهولة من خلال التنسيق مع وزارة الخدمة المدنية في إحداث وظائف تخدم أقسام الإنتاج وتشغيل الاستوديوهات التعليمية بما يعود على العملية التربوية بالنفع، كما أن نقص المشرفين على اختلاف تخصصاتهم حدّ من فعالية تقديم الخدمات التعليمية للمعلمين والمشرفين، كما حدّ من المتابعة الجيدة والتدريب والتقويم الأمثل على تجهيزات ومرافق التقنيات في المدارس، كما يوجد نقص في الدورات التدريبية المتخصصة لمنسوبي المركز على اختلاف تخصصاتهم، أما بالنسبة لمقار المراكز في المناطق والمحافظات فيوجد تفاوت في توفيرها حسب توجه وجهود إدارات التربية التعليم.وعندما توجهنا إلى مناقشة الخطوات التي من شأنها أن تخدم تطوير المراكز، أمسك الأستاذ البابطين بزمام الحديث قائلاً:إن أهم ما يمكن أن يساهم في تطوير مراكز التقنيات التربوية هو ما يلي:- رفع مستوى الصلاحيات لمديري مراكز التقنيات التربوية.- توفير وظائف متخصصة في مجال إنتاج وتصميم المواد التعليمية الرقمية.- زيادة دور القطاع الخاص في إدارة وتشغيل مراكز التقنيات التربوية.- إسناد عملية تصميم وإنتاج المناهج الدراسية الرقمية لـمراكز التقنيات التربوية.- إقرار نظام التعليم عن بعد واعتماد الشهادات رسمياً لهذا النظام.- تأهيل العناصر النسائية في مجال التصميم التعليمي والتعليم الإلكتروني.ويشدد الأستاذ العضاض على أهمية الإيمان أولاً بأهمية هذه المراكز وما تقوم به من دور فعال في مجال تطوير وتوظيف التقنيات التربوية في مدارس المنطقة أو المحافظة التابعة لها ومن ثم يأتي دور الدعم المادي لهذه المراكز والذي قطعت الوزارة به شوطاً كبيراً وأصبح لدينا العديد من المراكز التي نفخر بها وبما تم إنتاجه من برامج ووسائل و منتجات تربوية مميزة ويبقى أن تدعم هذه المراكز بالكوادر الإدارية والتربوية والفنية وكلنا أمل بتحقيق هذا الهدف.فيما يرى الأستاذ العنزي أن نجاح المركز يتوقف على أمرين مهمين وهما:- دعم المركز بالعناصر الفنية المناسبة للقيام بدوره.- تجميع الجهات التي تشرف على التقنية ضمن المركز، وربط المركز ببقية الإدارات على مستوى إدارة التعليم.ومن جهته يرمي الأستاذ العيسى الكرة في ملعب الوزارة مطالباً إياها أن تتخذ قراراً يتضمن إنشاء المباني المناسبة لمراكز التقنيات التربوية في الإدارات التعليمية مما يكفل تحقيق المركز لمهامه وتنفيذ نشاطاته، وتنمية مهنة مشرفي مراكز التقنيات التربوية في جميع تخصصاتهم بدورات تدريبية طويلة وقصيرة تجمع بين المستجدات الحديثة والاحتياجات التدريبية، وتوفير العدد الكافي من المشرفين في جميع التخصصات بما يتناسب مع عدد المدارس، لتلبية احتياجات المدارس من الأدوار المطلوبة من المشرف، وأخيراً التكامل الأمثل بين الإشراف التربوي ومراكز التقنيات التربوية.وختاماً لهذا النقاش، اتفق جميع المشاركين في نظرتهم المتفائلة تجاه مستقبل هذه المراكز، حيث يقول الأستاذ العضاض في هذا الصدد: في الحقيقة نحن نحمل أملاً كبيراً بأن يتطور العمل بهذه المراكز وأن تصبح معلماً متميزاً في مجال استخدام وتفعيل وتطوير التقنيات التربوية في مناطق ومحافظات مملكتنا الحبيبة وأن نشهد الكثير من إنتاجياتها المتميزة في شتى المجالات.ومن جهته يرى الأستاذ البابطين أن مرور المراكز بتجربة مليئة بالتحديات والصعوبات الإدارية والفنية التي واجهتها تؤهلها لأن تستمر وتتطور بالمستقبل من خلال تبني الدولة لمشروع الخطة الوطنية للاتصالات وتقنية المعلومات ( الرؤية لبناء مجتمع المعلومات ).وفيما يصف الأستاذ العيسى هذه النظرة بالمشرقة خاصة بعد اللقاء الذي تم مع معالي الوزير وما نتج عنه من توصيات، فإن الأستاذ العنزي لا ينظر لها بأقل من ذلك ولكنه يستدرك قائلاً: إن مستقبل المراكز مرتبط بنظرة المنظرين في" الوزارة "، ويبدو أن هناك مسارين متضادين أحدهما يرى أن التقنية لا تستحق أن يفرد لها مبنى مستقل أو ميزانية خاصة أو عناصر بشرية مدربة، والنظرة المضادة أن التقنية هامة على المستوى العام والتعليمي وان الدول أصبحت تتحدث عن الفجوة الرقمية بينها وبين دول أمريكا الشمالية وأوربا الغربية واليابان، وان الحكومات تسعى لان تكون حكومات اليكترونية، وبدون الاهتمام بالمراكز ودعمها لن نحقق التقدم التقني على مستوى التعليم.في نهاية حوارنا الثري هذا، نشكر جميع الأساتذة المشاركين، راجين من الله أن نكون في المعلوماتية قد وفقنا في الإحاطة بجل ما يحيط بمراكز التقنيات التربوية وشؤونها وشجونها، والله ولي التوفيق ،،،

ليست هناك تعليقات: